مدرسة سعد بن معاذ الابتدائية بالخرج
اهلا وسهلا بالزوار والأعضاء الكرام
مدرسة سعد بن معاذ الابتدائية بالخرج
اهلا وسهلا بالزوار والأعضاء الكرام
مدرسة سعد بن معاذ الابتدائية بالخرج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة سعد بن معاذ الابتدائية بالخرج

منتدى تعليمي تربوي تحت إدارة مركز مصادر التعلم
 
الرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» برنامج حلو يطلع لك باسوررد الشبكات
المنافقون Emptyالإثنين يونيو 25, 2012 12:21 am من طرف hazah333

» الة حاسبه بسيطه اختراع طلاب ثانوية الخرج
المنافقون Emptyالأحد أبريل 29, 2012 1:26 am من طرف hazah333

» تعليق الدراسة
المنافقون Emptyالسبت مارس 26, 2011 7:36 pm من طرف Admin

» شكر لمدير المدرسة
المنافقون Emptyالسبت يناير 01, 2011 5:09 pm من طرف Admin

» المعلمون الذين شملتهم الحركة 1431
المنافقون Emptyالأربعاء أكتوبر 06, 2010 6:29 pm من طرف محمد البكيري

» نكات العالم والوسوسة
المنافقون Emptyالخميس سبتمبر 30, 2010 8:22 pm من طرف Admin

» تهنأة بالعيد
المنافقون Emptyالخميس سبتمبر 30, 2010 9:36 am من طرف Admin

» شعر جاهلي
المنافقون Emptyالخميس سبتمبر 30, 2010 9:28 am من طرف Admin

» موضوع جميل
المنافقون Emptyالأربعاء سبتمبر 29, 2010 1:59 am من طرف محمد البكيري

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

 

 المنافقون

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد البكيري
عضونشيط
محمد البكيري


عدد المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 06/05/2010
العمر : 36

المنافقون Empty
مُساهمةموضوع: المنافقون   المنافقون Emptyالأربعاء مايو 12, 2010 6:38 pm









المنـافـقـون

وخطرهم على الإسلام








بسم الله الرحمن الرحيم



المقدمة :



الحمد لله رب العالمين ، حمداً طيّباً مباركاً ، كما يليق بجلال وجه ربّنا ويرضى .







حمداً لك يا من هديتنا إلى الصراط المستقيم ، وعلّمتنا كيف نعبُدك عبادة الموحّدين ، لتميّز



المؤمنين عن المنافقين ، فقلتَ : ] وما أُمِروا إلا ليَعبُدوا الله مُخلِصِينَ له الدين ... [ .





والصلاة والسلام على من اختُصَّ بالخلق



العظيم ، فنال درجة الأولين والآخرين ، وعاش صابراً متمسّكاً بحبل الله المتين ، وعَبَدَ ربَّه مُخلِصاً



حتى أتاه اليقين ، وعلى آله وصحبه الغرِّ الميامين ، الذين قاموا بنُصرةِ هذا الدين ، رضِي الله تبارك



وتعالى عنهم أجمعين ، وبعد :





إن حركة النفاق بدأت منذ أن دخل الإسلام المدينة المنورة ، وعاش بها فئة من الناس مريضة



قلوبهم ، وظلّت مستمرّةً حتى وفاة النبيّ عليه الصلاة والسلام ، ولم تنقطع في أي وقتٍ من الأوقات ،



ولا في زمن من الأزمان ، بل ظلّت مستشريةً في بعض الأفراد إلى أيّامنا هذه . لكن ربّما تغيّرت



مظاهرها ووسائلها بين الحين والآخر ....





ومع ذلك فإن أثر هذه الحركة الخفيّة ظلّ واضحاً خلال فترة زمنيةٍ تاريخية طويلة ، وجاء ذكرها



وذكر أصحابها في القرآن الكريم ، حتى تكاد لا تخلو سورة مدنيّة من ذكر هذا الصنف من الناس ،



وذُكرت في الأحاديث الشريفة مراتٍ كثيرة ، ولو لم يكن لها ذلك الأثر البالغ في حياة الدعوة الإسلامية



في ذلك الوقت لما ذُكِرت بهذا الاهتمام الكبير .





ولهذا أسرعتُ جاهداً في كتابة هذا البحث المبسّط تحت عنوان (( المنافقون وخطرهم على



الإسلام )) ،



لأبيّن فيه بعض ما انطوت عليه النفوس المريضة آنذاك إلى يومنا الحاضر . فكتبتُه ضمن



العناوين التالية ، راجياً فيه الفائدة لنفسي أوّلاً ، ولكل من قرأه :





· من هو المنافق ؟ .

· متى بدأ النفاق ؟ .

· سبب ظهور النفاق في المدينة المنوّرة .

· بين يديّ سورة المنافقين .

· أنواع النفاق .

أ - نفاق العقيدة .

ب- نفاق العبادة .

ج- نفاق السلوك .

· الرياء .

· علامات المرائي .

· درجات الرياء .

· مسك الختام .



سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يتقبّل منّا ما كان صالحاً ، وأن يُصلِح منّا ما كان فاسداً ، وأن



يُصلح فساد قلوبنا ، وأن يرزقنا الإخلاص في كل أعمالنا ، فإنه ما كان من صواب فمن الله ، وما كان



من خطأ فمن نفسي وأستغفرُ الله .



بكري أحمد حلاق

الجمعة 5 ربيع الثاني 1419 هـ

الموافق 31 تموز 1998 م



من هو المنافق ؟



ليس هناك تعريف أبلغ من الذي عرّفه القرآن الكريم عن هذا الصنف من الناس ، حيث إن في



القرآن الكريم سورة كاملة تتحدث عن المنافقين ، وسميت باسمهم : "سورة المنافقين" تحكي أخبارهم



وصفاتهم ، وتفضح ما انطوت عليه سرائرهم من نوايا خبيثة أخفتها ضمائرهم ، يكيدون بها للإسلام



وأهله ، ولا يرعون إلاًّ ولا ذمّةً ، ويسعون من وراء الكواريس للتربص بالمؤمنين . وهؤلاء هم أشد



خطراً من المشركين الذين أظهروا الكفر وأشاعوا بعدائهم وبغضهم لمن آمن .



وهنا قبل أن نسرد هذا التعريف القرآني الرائع لهؤلاء الناس ، لا بد أن نرجع إلى أصل هذه



الكلمة وتلك التسمية في لغتنا العربية ، لنلمس المدى القريب والبعيد الذي تعنيه هذه الكلمة لغوياً ، قبل



التعريف الشرعي لهذا المصطلح .



- فالمنافق : هو الذي يضمر في داخله غير الذي هو عليه من الظاهر ، فيظهر الإيمان ويستر الكفر .



- والنفاق : هو فعل المنافق الذي ينسب إليه(1) ، ونافق في الدين : ستر كفره وأظهر



إيمانه ، ومنه النَفَقُ : وهو سَرَبٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكان(2) .





وبعد هذا كله : آن لنا أن نذكر المعنى المنشود لهذا المصطلح من كتاب الله عز وجل ، كي نجلي الغشاوة



عن العيون ، ونزيل الران عن القلوب ، فنرى حقيقة هؤلاء من كتاب الله المجيد ، فهو الحل الفاصل



لهذه القضايا وأمثالها ، قال الله عز وجل : ] ... والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ` اتخذوا



أَيمانَهم جُنَّةً فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون ` ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا



فطُبِع على قلوبهم فهم لا يفقهون ` وإذا رأيتَهم تعجبك أجسامُهم وإن يقولوا تسمع لقولهم



كأنهم خُشُبٌ مسنّدة يحسبون كل صيحةٍ عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون `



وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر ْلكم رسول الله لوّوا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون `



سواءٌ عليهم أَستَغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين



` هم الذين يقولون لا تنفقوا على مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات



والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ` يقولون لئِنْ رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعز منها



الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ` ... [ .(1)





(( هذه السورة التي تحمل هذا الاسم الخاص (( المنافقون ))



الدال على موضوعها .. ليست هي السورة الوحيدة التي فيها ذكر النفاق والمنافقين ، ووصْفُ أحوالهم



ومكائدهم . فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحاً أو تصريحاً . ولكن هذه السورة تكاد



تكون مقصورة على الحديث عن



المنافقين ، والإشارة إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم ورويت عنهم ))(1) .



لقد تضمنت هذه السورة الكريمة حملة عنيفة وقوية أظهرت فيها أخلاق المنافقين وأكاذيبهم



ودسائسهم ومناوراتهم ، وما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين ، ومن اللؤم والجبن وانطماس



البصائر والقلوب .



ولما علم المسلمون هذه الصفات الذميمة عن هذا النوع من الناس ، كان لابد وأن تكون هناك لفتة



تشُدُّ انتباههم في نهاية المطاف ، وهي التحذير من كل ما يلصق بهم صفة من صفات المنافقين ، ولو من



بعيد . لأن أدنى درجات النفاق عدم التجرد لله تعالى ، والغفلة عن ذكره اشتغالاً بالأموال والأولاد



، والتقاعس عن البذل في سبيل الله حتى يأتي اليوم



الذي لا ينفع فيه البذل والصدقات .







متى بدأ النفاق ؟



إن حركة النفاق بدأت منذ أن دخل الإسلام المدينة المنورة ، وظلت مستمرة إلى قرب وفاة



رسول الله r ، ولم تنقطع في أي وقت من الأوقات ، بل بقيت مستشرية في بعض الأفراد إلى أيامنا



، وربما تغيرت مظاهرها ووسائلها بين الحين والآخر ، ولهذه الحركة الأثر الواضح في سيرة هذه



الفترة التاريخية وأحداثها ، فلقد شغلت من جهد المسلمين ووقتهم وطاقتهم قدراً كبيراً ، وورد ذكرها



في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف مرات كثيرة ، فإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على



ضخامة هذه الحركة ، وأثرها البالغ في حياة الدعوة في ذلك الوقت .





سبب ظهور النفاق في المدينة



يقول الأستاذ : محمد عزة دروزة في كتابه :



" سيرة الرسول r(1) " يتحدث عن الأسباب والعلل التي ساعدت في ظهور هذه الحركة في المدينة



المنورة :



(( ... وعلة ظهور تلك الحركة في المدينة واضحة ، فالنبي r والمسلمون الأولون في مكة



لم يكونوا من القوة والنفوذ في حالة تستدعي وجود فئة من الناس ترهبهم أو ترجو خيرهم ، فتتملقهم



وتتزلق إليهم في الظاهر ، وتتآمر عليهم وتكيد لهم وتمكر بهم في الخفاء ، كما كان شأن المنافقين



بوجه عام ، ولقد كان أهل مكة وزعماؤها خاصة يناوئون النبي جهاراً ، ويتناولون من استطاعوا



من المسلمين بالأذى الشديد ، ويقاومون الدعوة بكل وسيلة دونما تحرز أو تحفّظ ؛ وكانت القوة لهم



حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة فراراً بدينهم ودمهم إلى الحبشة أولاً ، ثم إلى يثرب ؛ وحتى فُتِنَ



بعضهم عن دينه بالعنف والإكراه ، أو بالإغراء والتهويش ؛ وحتى تزلزل بعضهم وتبرم ونافق



المشركين ، وحتى مات بعض من ناله الأذى ممن ثبت على دينه نتيجة للتعذيب ...



أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفاً جداً . فالنبي r استطاع قبل أن يهاجر إليها أن يكسب



أنصاراً أقوياء من الأوس والخزرج ؛ ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه ، ولم يبق تقريباً



بيت عربي فيها لم يدخله الإسلام . ففي هذه الحالة لم يكن من الهين أن يقف الذين لم يؤمنوا به –



إما عن جهالة وغباء ،



وإما عن غيظ وحقد وعناد ، لأنهم رأوا في قدوم النبي حداً لنفوذهم وسلطانهم - موقف الجحود



والعداء العلني للنبي والمسلمين من المهاجرين والأنصار ، وكان للعصبية في الوقت نفسه أثر غير



قليل في عدم الوقوف هذا الموقف ، لأن سواد الأوس والخزرج أصبحوا أنصار النبي r ،



ومرتبطين به بمواثيق الدفاع والنصر ، إلى أنَّ جلهم قد حسن إسلامهم ، وغدوا يرون في النبي r



رسول الله ، وقائدهم الأعلى الواجب الطاعة ومرشدهم الأعظم الواجب الاتباع ، فلم يكن يَسَعُ الذين



ظلت تغلبهم نزعة الشرك ، ويتحكم فيهم مرض القلب والمكابرة والحقد ، ويحملهم ذلك على مناوأة



النبي r - ودعوته ونفوذه - أن



يظهروا علناً في نزعتهم وعدائهم ، ولم يكن أمامهم إلا التظاهر بالإسلام ، والقيام بأركانه ،



والتضامن مع قبائلهم . وجعل مكرهم وكيدهم ودسهم ومؤامراتهم بأسلوب المراوغة والخداع



والتمويه ، وإذا كانوا وقفوا أحياناً مواقف علنيّة فيها كيدٌ ودسٌّ ، وعليها طابع من النفاق بارز ،



فإنما كان هذا منهم في بعض الظروف والأزمات الحادة التي كانت تحدق بالنبي والمسلمين ، والتي



كانوا يتخذونها حجة لتلك المواقف بداعي المصلحة والمنطق والاحتياط ؛ ولم يكونوا على كل حال



يعترفون بالكفر أو النفاق ، غير أن نفاقهم وكفرهم ومواقفهم في الكيد والدس والتآمر لم تكن لتخفى



على النبي r والمخلصين من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، كما أن المواقف العلنية التي



كانوا يقفونها في فرص الأزمات كانت مما تزيد كفرهم ونفاقهم فضيحة ومقتاً . وقد كانت الآيات



القرآنية توجه إليهم كذلك الفضائح المرة بعد المرة ، وتدل عليهم بما يفعلون أو يمكرون ، وتدفعهم



بشرورهم وخبثهم ومكايدهم ، وتحذّر النبي r والمسلمين منهم في كل ظرف ومناسبة .



ولقد كانت مواقف المنافقين ومكايدهم بعيدة المدى والأثر على ما تُلْهِمُ الآيات المدنية ، حتى



لكأنه نضال قوي ، يذكر بما كان من نضال بين النبي r وزعماء مكة ، وإن اختلفت الأدوار



والنتائج ؛ إذ أن النبي لم يلبث أن أخذ مركزه يتوطد وقوته تزداد ، ودائرة الإسلام تتسع ، وصار



صاحب سلطان وأمر نافذ وجانب عزيز ؛ وإذا لم يكن المنافقون كتلة متضامنة ذات شخصية خاصة



بارزة ، وكان ضعفهم وضَآَلَةُ عددهم وشأنهم يسيران سيراً متناسباً عكسياً مع ما كان من تزايد قوة



النبي r واتساع دائرة الإسلام ، وتوطد عزّته وسلطانه .



ويكفيك لأجل أن تشعر بخطورة الدور الذي قام به المنافقون ، وخاصة في أوائل العهد ، أن



تلاحظ أن المنافقين كانوا أقوياء نسبياً بعصبياتهم التي كانت ما تزال قوية الأثر في نفوس سواد



قبائلهم ،كما أنهم لم يكونوا مفضوحين فضيحة تامة ، ولم يكن الإسلام قد رسخ في هذا السواد



رسوخاً كافياً ، وأن النبي r كان محوطاً بالمشركين الجاحدين من كل جانب ، وأهل مكة خصومه



الألداء ، وهم قبلة الجزيرة يتربصون به الدوائر ، ويتحينون كل فرصة ووسيلة للقضاء عليه ؛



واليهود في المدينة وحولها قد تنكروا له منذ عهد مبكر وتطيروا به ، ثم جاهروه بالكفر والعداء



والمكر ؛ ولم يلبث أن انعقد بينهم وبين المنافقين حلف طبيعي على توحيد المسعى ، والتضامن في



موقف المعارضة والكيد ، حتى ليمكن القول : إن المنافقين لم يقووا ويثبتوا ويكن منهم ذلك الأذى



الشديد والاستمرار في الكيد والدس إلا بسبب ما لَقَوْهُ من اليهود من تعضيد ، وما انعقد بينهم من



تضامن وتواثق ، ولم يضعف شأنهم ويخف خطرهم إلا بعد أن أمكن الله النبي r من هؤلاء



وأظهره عليهم ، وكفاه شرهم ...(1) .





" بين يديِّ سورة المنافقين "



لقد كان المنافقون يأتون رسول الله r ، ويشهدون بين يديه برسالته شهادة باللسان ، لا



يقصدون بها وجه الحق ، وإنما كانوا يقولونها للتقية ، حتى يخفوا أمرهم وحقيقتهم على المسلمين .



فهم كاذبون في أنهم جاؤوا ليشهدوا هذه الشهادة ، وإنما جاؤوا لكي يخدعوا المسلمين بهذه الشهادة ،



لذلك كذبهم الله في شهادتهم ، وبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين ، قوله تعالى :



] والله يعلم إنك لرسوله ` والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ` .. [(1)



ولولا هذا التعبير الدقيق وهذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم



وهو الرسالة وليس هذا هو المقصود . إنما المقصود تكذيب إقرارهم فهم لا يُقرّون الرسالة حقاً ولا



يشهدون بها خالصي الضمير !(1) . ( اتخذوا أيمانهم جُنّةً )



أي وقاية حتى لا يفضحوا في أمورهم ، كما أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال :



اتخذوا حلفهم جنة ليعصموا بها دماءهم وأموالهم(2) . ومعنى " أيمانهم " ما أخبر الله عنهم من حلفهم



أنهم لمنكم وقولهم : ] نشهد إنك لرسول الله [(3) .



وهذه الآية توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم ، أو عرف عنهم كيد أو



تدبير ، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين . كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمرٍ



من أمورهم ، فيجعلون أيمانهم وقاية وجُنَّةٌ يحتمون وراءها ، ليواصلوا كيدهم ودسّهم وإغواءهم



للمخدوعين فيهم .



] فصدوا عن سبيل الله [



أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله وطاعة رسوله ، فمنعوا الناس عن

الجهاد وعن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام ، فكل من أراد الدخول في دين الإسلام ؛ أو



مَنْ أراد فعل طاعة مطلقاً صدّوه مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة .



] إنهم ساء ما كانوا يعملون [(1)



وهل هناك عمل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل ؟ ! .



] ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبِعَ على قلوبهم فهم لا يفقهون [(2)



حقيقةَ الإيمان أصلاً ، فقد آمنوا في الظاهر حين يرون المؤمنين ثم كفروا في السر حين خلوا مع



المشركين .



إذن : هم عرفوا الإيمان ، ولكنهم اختاروا العودة إلى الكفر . وما يعرف الإيمانَ ثم يعود إلى



الكفر قلبٌ فيه فقه ، أو تذوق ، أو حياة . وإلا فمن ذا الذي يذوق ويعرف ، ويطلع على التصور الإيماني



للوجود ، وعلى التذوق الإيماني للحياة ، ويتنفس في جو الإيمان الذكي ، ويحيا في نور الإيمان



الوضيء ، ويتفيأ ظلال الإيمان الندية ، ثم يعود إلى الكفر الكالح الميت الخاوي المجدب الكنود ؟ من ذا



الذي يصنع هذا إلا المطموس الكنود الحقود ، الذي لا يفقه ولا يحس ولا يشعر بهذا الفارق البعيد(1) !



]وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشُبٌ مسندة يحسبون كل



صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون [(2) .



لقد كانوا أشكالاً حسنة ، وذوي فصاحة وألسنة ، وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم



لبلاغتهم ، وهم مع ذلك في غاية الضعف والخور والهلع والجزع والجبن(1) .



فالقرآن الكريم رسم لهم هذه الصورة الفريدة المبدعة ؛ التي تثير السخرية والهزء والزراية



بهذا الصنف الممسوخ المطموس من الناس ، وتَسِمُهم بهذه



الصفات . وما داموا صامتين فهم أجسام معجبة للعيون .. فأما حين ينطقون فهم خواء من كل معنى



ومن كل حس ومن كل خالجة .. ] كأنهم خشب مسندة [



ولكنها ليست خشباً فحسب . إنما هي خشب مسندة



لا حركة لها ، ملطوعة بجانب الجدار . في حالة من التوجس الدائم والفزع الدائم والاهتزاز الدائم



] يحسبون كل صيحة عليهم [ .



لأنهم يعرفون أنفسهم أنهم منافقين مستورين بستار رقيق من التظاهر



والحلف والملق والالتواء . ويخشون في كل لحظة أن يكون أمرهم قد افتضح وسترهم قد انكشف .



ويتحسبون من كل صوت ومن كل حركة ومن كل هاتف ، يحسبونه يطلبهم(1) .



] هم العدو فاحذرهم [ هم العدو الحقيقي . العدو الكامن من داخل المعسكر . المختبئ في



الصف



. فلا تأمنهم وإن كانوا معك يظهرون تصديقك ، فهم أخطر من العدو الخارجي الصريح .



(فاحذرهم )



ولا تأمنهم على سرك لأنهم عيون لأعدائك من الكفار ينقلون إليهم أسرارك .



] قاتلهم الله أنى يؤفكون [



أي : لعنهم الله كيف يصرفون عن الحق ويستبدلونه بالباطل ومع هذا كله فإن الرسول r لم يؤمر



هنا بقتلهم ، بل كان يأخذهم بخطة أخرى فيها حكمة وسعة وثقة بالنجاة من كيدهم - كما سنرى -.



ثم يذكر القرآن جملة من أعمالهم ومجموعة من صفاتهم التي اشتهروا بها.



] وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ، ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون



` سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ، لن يغفر الله لهم ، إن الله لا يهدي



القوم الفاسقين ` هم الذين يقولون : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ،



ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ` يقولون : لئن رجعنا إلى المدينة



ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ` [(1) .



وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبي بن سلول ، وقد



فصل أهل التفسير وأصحاب السير هذا في حديثهم عن غزوة بني المصطلق سنة ست على



المريسيع .. فقالوا



[ غزا رسول الله r بني المصطلق فنزل على ماء من مياههم يقال له(1) : المريسيع فوردت



واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير من بني غفار يقال له : جهجاه بن سعيد ، يقود فرسه



فازدحم جهجاه وسنان الجهني حليف بني العوف من الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني : يا



معشر الأنصار ، وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين ، فلما أن جاء عبد الله بن أبي قال ابنه :



وراءك قال : مالك ويلك ، قال : لا والله لا تدخلها أبداً إلا بإذن رسول الله r ، ولتعلم اليوم من



الأعز من الأذل ، فشكا عبد الله إلى رسول الله r ما صنع ابنه فأرسل إليه رسول الله r : ارتحل



عنه حتى يدخل ، فقال : أما إذا جاء أمر النبي عليه الصلاة والسلام فنعم ، فدخل فلما نزلت هذه



السورة وبان كذبه قيل له : يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله r ليستغفر



لك فلوى رأسه ، فذلك قوله :



] وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ...[(1) . ] .



... إن كبير المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول أقسم بالله وقال : إن رجعت إلى المدينة



لأخرجنّ منها محمداً ذليلاً وأنا العزيز ، وإذا بصبيّ من صبيان المسلمين يسمّى : " زيد بن الأرقم "



لم يتجاوز العشر سنين يبلّغ النبي r ما قاله عبد الله بن أبي بن سلول ، قال يا رسول الله : إن عبد



الله بن أبي بن سلول أقسم



قائلاً : لئن رجعتُ إلى المدينة لأخرجنّ منها محمداً ذليلاً وأنا العزيز ، وإذا بكبار الصحابة ينهرون



الصبي ويقولون يا رسول الله : لعل الأمر قد اختلط عليه : أتسمع كلام صبي صغير ؟ قال زيد بن



الأرقم : فذهبتُ إلى بيتي مهموماً محزوناً ، كأنني أحمل جبال الأرض على رأسي ، وإذا برسول



الله r يطرق عليَّ الباب ، فقلت : من الطارق ؟ فقال : أنا محمد بن عبد الله ، افتح يا زيد فإن الله



صدقك من فوق السبع الطباق ، صدّق أذنيك ، لقد نزل سفير الأنبياء وأمين وحي السماء جبريل



يجوب الآفاق ، ويطوي بأجنحته السبع الطباق ، بقول الله تبارك وتعالى :



] يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين



ولكن المنافقين لا يعلمون [(1) .



فجاء الصحابة إلى عبد الله قائلين : يا عبد الله إن أمرك قد بلغ رسول الله r فتعال ليستغفر لك



رسول الله قال : والكبر يملأ رأسهُ الذي عشش فيه الشيطان فباض النفاق وفرخ الكفر : أنا اذهب



إلى محمد ليستغفر لي !! لن يكون ذلك ، وإذا بالأمين جبريل ينزل



] وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون [



. وهنا ينبغي أن لا ننسى أن لعبد الله بن أبي بن سلول ولداً اسمه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن



سلول ، من أقرب الصحابة إلى قلب رسول الله r . وأبوه زعيم المنافقين ... وقف هذا الصحابي



على باب المدينة المنورة يقول لأبيه : والله لن تدخل المدينة حتى يأذن لك رسول الله r ، تدخلها



ذليلاً ورسول الله هو العزيز ، الولد يغلق أبواب المدينة في وجه أبيه لأن أباه أساء إلى رسول الله



r ، ويأتي الولد إلى سيدنا محمد r ، وفي أدب وخلق يقول للرسول : يا رسول الله بلغني أنك



أهدرت دم أبي وأذنت في قتله ، يا حبيب الله : إن كنت تريد قتل أبي فأذن لي أنا بقتله ،



فوالله لو أَذِنْتَ لي بقتله ما ترددت لحظة ، ولا تأذن لغيري بقتل أبي فأنا لا أطيق أن أرى قاتل أبي



فأقتله فيه فأكون قد قتلتُ مؤمناً بمنافق ائذن لي أنا .. فماذا قال الحبيب ؟ قال له يا عبد الله : ما



أذنت لأحد بقتل أبيك ، ومعاذ الله أن يقول الناس : إن محمداً يقتل أصحابه ، ما أذنت يا عبد الله في



قتل أبيك ، إنما أذنت له أن يدخل المدينة فاسمح له يا عبد الله أن يدخلها .



وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن



عبد الله بن أبي على باب المدينة ، واستل سيفه ، فجعل الناس يمرون عليه ، فلما جاء أبوه عبد الله



بن أبي قال له ابنه : وراءك ! فقال : مالك ؟ ويلك ! فقال : والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك



رسول الله r فإنه العزيز وأنت الذليل ! فلما جاء رسول الله r وكان إنما يسير ساقة - أي في



مؤخرة الجيش - فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنه . فقال ابنه عبد الله : والله يا رسول الله لا يدخلها



حتى تأذن له . فأذن له رسول الله r فقال : أما إذ أذن لك رسول الله r فجز الآن(1) .



فعبد الله هذا نموذج رفيع للمسلم المتجرد الطائع . يشقى بأبيه ويضيق بأفاعيله ويخجل من



مواقفه . ولكنّه يكنُّ له ما يكنه الولد البار العطوف . لأنه يحب الإسلام ، ويحب طاعة رسول الله



r ، ويجب أن ينفذ أمره ولو كان بقتل أبيه . ويا لها من روعة تواجه القلب أينما اتجه ، وأينما



قَلَّب النظر في هذا الموقف الكريم . روعة الإيمان في قلب إنسان ، وهو يعرض على رسول الله r



أن يكل إليه أشق عمل على النفس البشرية - أن يقتل أباه - وهو صادق النية فيما يعرض .



ولا شك أن الرسول الكريم يرى هذه النفس المحرجة ، فيمسح عنها الحرج في سماحة



وكرامة :



(( بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا )) .. من قبل هذا يكف عمر بن الخطاب رضي الله



عنه عن رأيه : (( فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ؟ )) .



وبعد ذلك كله يوجه الله عز وجل الخطاب إلى رسول الله r بما قضاه في شأن المنافقين على



كل حال . وبعدم جدوى الاستغفار لهم بعد قضاء الله :



] سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم . إن الله لا يهدي القوم الفاسقين(1)[ ` .



ثم يذكرطرفاً من فسقهم ، الذي استوجب قضاء الله فيهم :



] هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا...[ .



ولا شك أن هذه مقولة يتجلى فيها خبث الطبع ، ولؤم النحيزة وهي خطة التجويع التي يبدو



أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان ، في حرب العقيدة ومناهضة



الأديان . ذلك أنهم لخسة مشاعرهم يحسبون لقمة العيش هي كل شيء في الحياة كما هي في حسهم



فيحاربون بها المؤمنين(1) .



وهذا التفكير نفسه هو الذي كانت تسعى إليه قريش عندما قامت لمحاربة رسول الله r وهو



مقاطعة بني هاشم في الشعب حتى ينفضوا عن مؤازرة رسول الله r ونصرته ، ومن ثم يسلموه لهم ،



فيثنوه عن دعوته إنْ لم يقتلوه .



وظل هذا التفكير متوارثاً ، أمسك به المنافقون خطة لينفضّ أصحاب رسول الله r عنه تحت



وطأة الضيق والجوع :



]هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا



وكأنهم نسوا ولم يعلموا ، أو ربما تناسوا وتجاهلوا أن الله ختم الآية نفسها بقوله :



] ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون [(1)



ومن خزائن الله في السماوات والأرض يرتزق هؤلاء الذين يحاولون أن يتحكموا في



أرزاق المؤمنين ، فليسوا هم الذين يخلقون رزق أنفسهم . فما أغباهم وأقل فقههم وهم يحاولون قطع



الرزق عن الآخرين !



وهناك مشهد آخر قام به هذا الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول وسجله



التاريخ له منقبة من مناقبه الجميلة التي قدمها تجاه دينه ، مبرهناً به عن حبه لله ولرسوله ... فهو الذي



جاء بالأمس يستأذن رسول الله r في قتل أبيه لأنه منافق ، يقول : يا رسول الله إن كنت تريد قتل أبي



فأْذن لي أنا



بقتله ، ولا تأذن لأحد غيري بقتل أبي فأنا لا أطيق أن أرى قاتل أبي فأقتله به فأكون قد قتلت مؤمناً



بمنافق ... وهو الذي وقف على باب المدينة المنورة وقال لأبيه لما أراد أن يدخل المدينة : وراءك ، والله



لن تدخل المدينة حتى يأذن لك رسول الله r ، ستدخلها ذليلاً ورسول الله هو العزيز ...



(( ... فرجع المنافق حتى لقي رسول الله r فشكا إليه ما صنع ابنه ، فأرسل إليه النبي r : أنْ خلِّ



عنه حتى يدخل ، ففعل . فلم يلبثوا إلا أياماً قلائل



- كما يروي الإمام السيوطي - حتى اشتكى عبد الله فاشتد وجعه فقال لابنه عبد الله : يا بني ائتِ رسول



الله r فادعه ، فإنك إذا أنتَ طلبتَ ذلك إليه



فعل ، ففعل ابنه فأتى رسول الله r فقال له : يا رسول الله إن عبد الله بن أبي شديد الوجع وقد طلب إلي



أن آتيك فتأتيه فإنه قد اشتاق إلى لقائك ، فأخذ فقام وقام معه نفر من أصحابه حتى دخلوا عليه فقال لأهله



حين دخل النبي r : أجلسوني ، فأجلسوه فبكى ، فقال رسول الله r : أجزعاً يا عدو الله



الآن ؟ ! فقال : يا رسول الله إني لم أدعك لتؤنبني ، ولكن دعوتك لترحمني . فاغرورقت عينا رسول



الله r فقال : ما حاجتك ؟ قال : حاجتي إذا أنا متّ أن تشهد غسلي وتكفّنني في ثلاثة أثواب من ثيابك



وتمشي مع جنازتي وتصلّي عليّ ، ففعل رسول الله r فنزلت هذه الآية :



] ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون [(1) .



ويمر شريط الذكريات عميقاً وبعيداً ، فهذا الرجل نفسه هو الذي رمى السيدة عائشة أم المؤمنين



بالزنا وتولى كبر الإثم ، فتوعد الله الذي تولى كبره بعذاب عظيم قال تعالى : ] إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة



منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم ، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم ، والذي تولى كبره



منهم له عذاب عظيم [(1) .



يأتي ابنه عبد الله إلى رسول الله r ويقول



له : يا رسول الله أعطني قميصك لأكفن به أبي ، وعندها تظهر أخلاق النبوة وتتجلى في أسمى معانيها



! يا عبد الله خذ قميصي وكفّن فيه أباك .



نسي الأذى الذي قدمه له هذا المنافق عندما كان حياً ، وعفى وصفح وغفر ، لأن أخلاق الرسالة



هي فوق الأحقاد ، فوق المهاترات ، فوق



الحزازات ، أخلاق تطلُّ من علوٍّ إلى هذه الأرض تنظر للناس وتقول لهم : ] كونوا مع الناس كالشجر



يرمونه بالحجر فيرميهم بأطيب الثمر [ .



ويأخذ الابن القميص ، خير قميص من خير إنسان عرفه العالم ، الرجل الذي إذا تحدث عنه



التاريخ جثى على ركبتيه ، فإذا تحدثت عنه الدنيا تمرّغت تحت قدميه ، يأخذ القميص ويكفن فيه أباه ثم



يأتي إلى رسول الله r ويقول له : يا حبيب الله صلِّ على أبي صلاة الجنازة . فيستعد النبي r للصلاة



عليه وإذا بالعملاق الفاروق عمر بن الخطاب يقف في وجه رسول الله r بين الرسول وبين نعش عبد



الله بن أبي ويقول له : يا رسول الله لا تصلِّ عليه فإنه منافق . ولكن صاحب الخلق العظيم يدفع عمر



بيده بعيداً ويصلّي على عبد الله بن أبي ، وإذا بجبريل ينزل مسرعاً بآيات تتلى إلى يوم الدين يؤيد فيها



رأي عمر بن الخطاب :



] ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً [(1)



ثم تدخل الجثة تراب الأرض ، فيقوم النبي



عليه الصلاة والسلام على القبر يستغفر الله لعبد الله بن أبي وإذا ينزل :



] ولا تقم على قبره (2) [ .



وإذا بالنبي r يذهب وهو يستغفر له وإذا بالقرآن ينزل :



] استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ، وذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين [(1) .



وهنا يقف رسول الله r



ويقول لمن حوله من الصحابة : والله لو علمت أنني لو زدت على السبعين لغفر لهم لزدت على السبعين



في سبيل أن يغفر لهم ، ولكن قدر الله قضى بعدم جدوى الاستغفار لهم :



] سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ، إن الله لا يهدي القوم الفاسقين [(2) .



وننظر مرة إلى الأحداث ، ومرة إلى الرجال ، ومرة إلى النص القرآني ، فنجدنا مع السيرة ،



ومع المنهج التربوي الإلهي ، ومع قدر الله العجيب في تصريف الأمور .. فهذا هو الصف المسلم يندس



فيه المنافقون ، ويعيشون فيه في حياة الرسول r قرابة عشر سنوات . والرسول r لا يخرجهم من



الصف ، ولا يعرّفهم الله له بأسمائهم وأعيانهم إلا قبيل وفاته . وإن كان يعرفهم في لحن القول ، بالالتواء



والمداورة . ويعرفهم بسيماهم وما يبدو فيها من آثار الانفعالات والانطباعات . ذلك كي لا ينكل الله



قلوب الناس للناس . فالقلوب له وحده ، وهو الذي يعلم ما فيها ويحاسب عليه ، فأما الناس فلهم ظاهر



الأمر ؛ كي لا يأخذوا الناس بالظنّة ، وكي لا يقضوا في أمورهم بالفراسة ! وحتى حينما عرّف الله نبيّه



r بالنفر الذين ظلوا على نفاقهم إلى أواخر حياته ، فإنه لم يطردهم من الجماعة وهم يظهرون الإسلام



ويؤدون فرائضه . إنما عرفهم وعرّف بهم واحداً فقط من رجاله هو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه



كاتم سرّ رسول



الله r . ولم يشع ذلك بين المسلمين(1) .



فنادى على حذيفة وأملى عليه سبعة عشر اسماً من المنافقين ، وهو يوصيه قائلاً : من مات من



هؤلاء بعدي فلا تصلوا عليه ، فيأخذ حذيفة هذه الأسماء ويكتم أمرها ، فيأتيه عمر بن الخطاب رضي



الله عنه خائفاً قلقاً ، ويطرق عليه بابه ثم يقول : يا حذيفة أمعك أسماء المنافقين ؟ قال : بلى يا عمر ،



فيقول



عمر : استحلفتك بالله هل تجد اسمي بين هؤلاء ؟ ! ... ؟ !!! ويجيبه حذيفة : يا عمر لست منهم .



فكان الصحابة رضي الله عنهم عندما يرون رسول الله r لا يريد الصلاة على ميت يعلمون أنه



من المنافقين ، فلما قبض عليه الصلاة والسلام كان حذيفة رضي الله عنه لا يصلي على من عرف أنه



منهم . فكان عمر لا ينهض للصلاة على ميت حتى ينظر ، فإن رأى حذيفة هناك علم أنه ليس من تلك



المجموعة فيصلي عليه ، وإلا لم يصلّ هو الآخر ولا ينطق



بكلمة واحدة .





أنواع النفاق



من خلال دراستك لهذه السورة الكريمة لا بد أن يكون قد اتضح لك أنواع النفاق التي أخبرنا الله



عز وجل بها حيث إنهم أظهروا الإيمان بالله عز وجل ولكنهم اختاروا العودة إلى الكفر ، ثم بدؤوا



يحلفون الأيمان الكاذبة ليعصموا بها دماءهم وأموالهم حتى لا يفضحوا في أمورهم . ولا شك أن هذا قسم



من أقسام النفاق ولكنه أشدها خطورة ، وأعظمها ذنباً ، لأن الله وصفهم بالكفر ومحا عنهم سمة الإيمان



عندما قال سبحانه : ] ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون [(1) .



وبيّن عقاب المنافقين



ومكانهم يوم القيامة فقال :



] إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً [(1) .



وعلى هذا فتكون أنواع النفاق ثلاثة وهي :



1- نفاق في " العقيدة " .

2- نفاق في " العبادة " .

3- نفاق في " السلوك " .





أ‌- نفاق العقيدة : أن يظهر صاحبه الإسلام ويضمر الكفر في قلبه ، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تكاد



تحصى ، وتوشك أن لا تستقصى ، قلبه مليء بالكفر ، ولسانه ينطق بالشهادتين ، وكان على رأس



هذه الفرقة كبير المنافقين



" عبد الله بن أبيّ بن سلول " الذي كانت سورة المنافقين تتحدث عنه وعن أتباعه وكل من سار



سيرهم ومشى خطاهم إلى يوم



الدين ، وتصفهم وتذكر أعمالهم ، وتفضح ما انطوت عليه سرائرهم من نوايا خبيثة أخفتها ضمائرهم



يكيدون بها للإسلام وأهله ... ولكن الله أَعْلَمَ نبيّه ذلك كي يكون على حذر منهم ، لأنهم العدو الحقيقي



الكامن في معسكر التوحيد ،



] هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون [(1)



فلا تأمنهم على سرّك ، لأنهم عيون لأعدائك



المشركين ، يوصلون إليهم أسرارك .



فهذا النوع من النفاق ، وهذه الفئة من الناس هي أشد من المشرك صريح الكفر ، وخطرها أعظم على



الإسلام وأهله ، لذلك : فإن الكافر بالله جزاؤه نار جهنم ، وأما المنافق من هذا النوع فجزاؤه قعر جهنم



] إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً [(1) .



فلا حاجة لتفصيل هذا النوع ، لأن السورة

كلها نزلت في اصحابه ، فطبع الله على قلوبهم بالكفر ، لأنهم أحبوه ومالوا إليه



] ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون [(1) .





ب - ونفاق العبادة : أن يتظاهر الإنسان - أمام الناس - بأداء عبادة من العبادات على وجهها



الكامل ، لينال إعجاب الناس ومحبتهم فيثقوا



به ، حتى إذا ما خلا بنفسه قصّر في هذا الأداء أو ربما تكاسل فلم يؤده كما أداه أمام الناس . وهذا هو ما



يسمى بـ " الرياء " .



- والرياء : مشتق من الرؤية ، وهو كما عرّفه علماء



اللغة : أن أُرِيَ الناس خلاف ما أنا عليه(1) .



واصطلاحاً : طلب المنزلة في قلوب الناس بإيرائهم خصال الخير(2) . وقد توعد الله تعالى



المرائين في عدة مواقف في القرآن الكريم منها قوله تعالى :



] فويل للمصلين ` الذين هم عن صلاتهم ســـاهون ` الذين هــم يراؤون ` ويمنعون الماعون [(1) .





وقال عليه الصلاة والسلام : (( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر



يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين



كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء ؟ ))(2) .



ولذلك كان نبيّ الله عيسى عليه السلام يقول : (( إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن رأسه ولحيته



ويمسح شفتيه لئلا يرى الناسُ أنه صائم ، وإذا أعطى بيمينه فليخفِ عن شماله ، وإذا صلى فليرخِ ستر



بابه ، فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق ))(1) .



وروي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً مطأطئاً رأسه في المسجد



يصلي ، فقال : يا صاحب الرقبة ارفع رقبتك ولا تذل الإسلام ، فإن الخشوع في القلوب ، وليس في



الرقاب ، وقيل : إنه ضربه بالدرة على رأسه ، لأنه خفض رأسه وأظهر الذلّ أمام الناس ، ليحسبوه أنه



في حالة خشوع .



ورأى أبو أمامة الباهلي رجلاً في المسجد يبكي في سجوده فقال : أنتَ أنتَ ، لو كان هذا في



بيتك .



وعلى هذا كله فإن الرياء له أنواع وأقسام كثيرة ، ومن تمام الفائدة لهذا الموضوع أن نقف



عندها ولو قليلاً ، فربما أوصلتنا إلى الغاية المرجوة التي نرنو إليها ، ونسعى إلى تحقيقها ، وهي :



الشخصية المسلمة



الحقيقية ، التي ترك النبيّ r المسلمين عليها ، صافية نقيّة ، ظاهرها كباطنها ، ليس عليها غشاوة ، ولا



تحيط بها الشوائب ، بعيدة كل البعد عن النفاق ، أو ما قد يؤدي إليه .





أقسام الرياء



يقول العلامة أحمد بن محمد بن عجيبة في كتابه : "إيقاظ الهمم" : أقسام الرياء ثلاثة كلها علة في



الدين :



- الأول : وهو أعظمها : أن يقصد بعمله الخلق ولولاهم لم يعمل .



- الثاني : أن يعمل للمدحة والثناء ولو لم يعلمه الناس .



- الثالث : أن يعمل لله ويرجو على عمله الثواب ورفع العقاب . وهذا النوع جيد من وجه ومعلول من



وجه آخر ، وهو عند العارفين رياء ، وعند عامة المسلمين إخلاص(1) .



ويقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : ( ويجمع الرياء خمسة أقسام ، وهي مجامع ما يتزين به



العبد للناس ، وهو : البدن ، والزي ، والقول ، والعمل ، والأتباع ) .



1- الرياء في الدين بالبدن : وهو إظهار النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الاجتهاد ، وعظم الحزن . أو



تشعيث الشعر ، ليدل به على استغراق الهم بالدين وعدم التفرغ لتسريح الشعر . أو خفض الصوت



ليُستدلَّ بذلك على أنه مواظب على الصوم ...



2- الرياء بالزي والهيئة : وهو لبس الثياب الغليظة ، وارتداء الصوف ، وتشميرها إلى قريب من



الساق ، وتقصير الأكمام ، ليظهر أنه متّبع للسنة ومقتدٍ بالصالحين : فيلبس الثياب الزرق تشبّهاً



بالصوفية مع الإفلاس من حقائق التصوف في الباطن ...



3- الرياء بالقول : وهو انتقاء الكلمات الرنانة وتكلف النطق بها أثناء الكلام والوعظ والتذكير والإرشاد



، محاولاً النطق بالحكمة ، ليُري الناس غزارة علمه فيقال عنه : إنه متكلم ومحاور ...



4- الرياء بالعمل : وهو أن يتظاهر أمام الناس بأداء الأعمال على وجهها الكامل . كالمصلي يطيل القيام



والركوع والسجود ، أو المجاهد ، أو الحاج ، أو المتصدّق ، على أعين الناس ، فإذا خلا بنفسه لم يعمل



واحدة من هذا كله ...



5- الرياء بالأتباع والأصحاب والزائرين : وهو الذي يُري الناس أن له أتباعاً ومحبين كثيرين ... و ...



و ... أو يأتي بالعلماء ليزوروه ، ليقال : إن فلاناً قد زار فلاناً ، فيظن الناس أن أهل الدين يتبركون



بزيارته ، ويترددون إليه ، فيستغلها فرصة لينال



بها مأربه وحاجته من الناس ، لأنهم وثقوا به ...(1) .



فهذه مجامع ما يرائي به المراؤون ؛ وكلّهم يطلبون بذلك الجاه والمنزلة في قلوب العباد ، ظانين



أنهم بذلك يخترقون الحجب التي بينهم وبين الناس ويصلون إلى القلوب ، فيحبهم الناس جميعاً ، ناسين



أو متناسين أن من يقوم بمثل هذه الأعمال يكون ممقوتاً عند الله تعالى ، وإذا أبغض الله عبداً نفرت عنه



قلوب العباد جميعاً ، وعندها يصبح العبد صفر اليدين .



وأما إذا قصد بكل أعماله وجه الله تعالى ، وأخلص العمل والنية لله تعالى . حيث إن المعول عليه



في كل ما مر هو النية - فإنه ينال رضا الله تعالى ومحبته ثم يوضع له القبول في الأرض .





علامات المرائي





إن من قرأ الآيات التي وصف الله بها



المنافقين ، وكشف بها عمّا تُكِنُّه ضمائرهم



وسرائرهم ، واطلع على الأحاديث التي وردت في هذا المضمار ، لا بد له أن يخلص إلى نتيجة ، وهي



: معرفة هؤلاء المنافقين ، ومن ثمّ فإنه سيضع لهم علامات تميّزهم عن غيرهم ، ليُعرفوا بها ، وهي



كثيرة ، نذكر منها :



- أن يتقن الإنسان العمل حين يراه الناس ، ثم يتساهل به حيث لا يراه إلا الله تعالى .



- أن يلتمس بقلبه توقير الناس له وتعظيمه ، ومسارعتهم إلى قضاء حوائجه ، وإذا قصَّر أحد ما في



حقه الذي يستحقه عند نفسه استبعد ذلك واستنكره .



- أن يجد تفرقة بين إكرامه وإكرام الناس لغيره ، أو إهانته وإهانة غيره من أقرانه ، حتى ربما



يظهر



بعض سخفاء العقول ذلك على ألسنتهم ، يتوعدون من قصّر في حقهم بمعاجلة الله تعالى لهم بالعقوبة



، وإن الله تعالى لا يدعهم حتى ينتصر لهم ويأخذ ثأرهم .



ومن علامات الرياء الخفية ، تمني العبد أن يُعلِم الناسَ بخصوصياته التي منحه الله إياها ، ويسعى



جاهداً لإطلاع الناس عليها ، كما أشار إلى ذلك العارف بالله الشيخ أحمد بن محمد بن عجيبة بقوله(1) :



" إذا خصك الله تعالى أيها الفقير بخصوصية من خصوصية خواصه ، كزهد ، أو ورع ، أو توكل ، أو



رضى ، أو تسليم ، أو محبة ، أو يقين في



القلب ، أو معرفة ، أو أظهر على يديك كرامة حسية أو معنوية ، أو استخرجتْ فكرتُكَ حكماً أو مواهب



كسبية أو لدنية ، ثم استشرفتَ : أي تطلعتَ وتمنيتَ أن يعلم الخلق بخصوصيتك ، بأن يطلعوا على تلك



الخصوصية التي خصك الله بها ، فذلك دليل على وجود الرياء الخفي في باطنك ، ودليل على عدم



صدقك في عبوديتك ، بل أنت كاذب فيها ، إذ لو كنتَ صادقاً في عبوديتك ، لاكتفيتَ بعلم الله ، وقنعتَ



بمراقبته إياك ، واستغنيتَ به عن رؤية غيره " . فعليك كتم ذلك وستره ، لأن في الكتمان السلامة .





درجات الرياء



لقد ذكر الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه " الإحياء " درجات الرياء ، ورتبها ضمن



أبواب ، وجعل بعضها أشد وأغلظ من بعض ، على اختلاف أركانه وتفاوت الدرجات في ذلك(1) ، ثم



جاء من بعده الشيخ محمد جمال الدين القاسمي فلخصها وذكرها في كتابه " موعظة المؤمنين "



مختصرة على النحو التالي :(2)



1ً- ( اعلم أن أغلظ أنواع الرياء هو الرياء بأصل الإيمان ، وصاحبه مخلّد في النار ، وهو الذي : يُظهر



كلمتي الشهادة وباطنه مشحون بالتكذيب - وهذا هو النفاق المذكور في القرآن الكريم في مواضع شتى –



وذلك مما يقل في زماننا والحمد لله . ويلحق به من يجحد الجنة والنار والدار الآخرة ، وينكر وجودها ،



أو يعتقد كفراً في قلبه ويظهر خلافه ، فهؤلاء من المنافقين المرائين المخلدين في نار جهنم أجارنا الله



منها .



2ً- قسم من الرياء دون الأول بكثير ، كالذي يصل رحمه أو يَبرّ والديه ، لا عن رغبة لكن خوفاً من



الناس ، أو يزكي أو يحج . فيكون خوفه من مذمة الناس أعظم من خوفه من عقاب الله ، وهذا غاية



الجهل ، وصاحبه ممقوت .



3ً- قسم من الناس يرائي بالنوافل ، يكسل عنها في الخلوة ، ثم يبعثه الرياء على فعلها ، كحضور



الجماعة ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وصوم عرفة وعاشوراء ... الخ . خوفاً من المذمة وطلباً



للمحمدة ، ويعلم الله تعالى أنه لو خلا بنفسه لما زاد على أداء الفرائض . وهذه الدرجة عظيمة ولكنها



دون التي قبلها .



4ً- قسم يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة ، كالذي غرضه وشأنه دائماً تخفيف الركوع والسجود



وعدم إطالة القراءة ، فإذا رآه الناس أحسن الركوع والسجود ، وكذلك الذي اعتاد أن يخرج الزكاة أو



الصدقة من الأموال الرديئة ، أو البضائع الكاسدة ، فإذا اطلع عليه غيره أخرجها من أجود الأنواع خوفاً



من مذمة الناس له ، وهذا أيضاً من الرياء المحظور ، حيث فيه تقديم المخلوق على الخالق . وربما



يتعلل المرائي ويقول : إنما فعلت ذلك صيانة لألسنة الناس عن الغيبة ، ولكن حقيقة الأمر هي مكيدة



للشيطان وخطوة من خطواته ، وليس الأمر كذلك ، لأن ضررك من نقصان صلاتك - وهي خدمة



لمولاك - أعظم من ضررك بغيبة غيرك . فلو كان باعثك الدين لكانت شفقتك على نفسك أكثر .



5ً- قسم يرائي بفعل ما لا نقصان في تركه ولكن فعله في حكم التكملة والتتمة لعبادته ، كالمبادرة إلى



التكبيرة الأولى ، وتحسين الاعتدال ، والزيادة في القراءة على الطريقة المعتادة ، بحيث لو خلا بنفسه



لكان لا يُقْدِمُ على ذلك كله .



6ً- قسم يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل أيضاً ، كحضوره الجماعة قبل القوم ، وقصده للصف



الأول ، وتوجهه إلى يمين الإمام وما يجري



مجراه ، وكل ذلك مما يعلم الله تعالى منه أنه لو خلا بنفسه لكان لا يبالي أين وقف ومتى يحرم بالصلاة .



فهذه بعض درجات الرياء ، وبعضها أشد من بعض ولكن الكل مذموم ، نسأل الله تعالى أن يجيرنا من



ذلك كله ، وأن يطهّر قلوبنا من النفاق ، وأعمالنا من الرياء ، وألسنتنا من الكذب ، وأعيننا من الخائنة ،



إنه نعم مسؤول وخير مأمول .



ج - نفاق السلوك : أي ( العمل ) وهو خداع الناس بمعاملة مزيفة ، بحيث يتشدق أمامهم بالقيم



والمثاليات المصطنعة ، ولكنه كذابٌ إذا حدَّث ، خائنٌ إذا اؤتمن ، مخلفٌ إذا وعد ، فاجرٌ إذا خاصم ،



غادِرٌ إذا عاهد .



وهذا النوع من النفاق هو الذي جاءت به الأحاديث المترادفة ، والروايات المختلفة التي تبين



صفات هؤلاء ، ومن ذلك ما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله



عنهما : أن النبي r قال : (( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً . ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه



خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ))(1).



وأورد الإمام البخاري رواية أخرى قبل هذا الحديث وهي قوله عليه الصلاة والسلام : (( آية المنافق



ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ))(2) .



وحتى لا يساور الشك قلوبنا فقد نهض العلماء وسارعوا للجمع بين الحديثين إلى أن خلصوا إلى



نتيجة مفادها :



1- إن النبي عليه الصلاة والسلام ربما أخبر ببعض العلامات في وقت ، وببعضها في وقت آخر .



2- إنها بالنظر إلى الحقيقة ثلاث وإن كانت بحسب الظاهر خمساً لأن قوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا



عاهد غدر )) داخل في قوله : (( إذا اؤتمن خان )) وقوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا خاصم فجر ))



داخل في قوله : (( إذا حدث كذب )) .



وفي كلا الحديثين فإن رسول الله r يرشدنا إلى ما ينبغي من سلامة الصدور وحسن الطوية وإلى



أن يساير ظاهر حال المسلم ما يكنه في نفسه : فيحذر من صفات هي شأن المنافقين حري أن يبتعد



عنها المسلمون ، فكما أن الإيمان له شعب يتكون منها ، جدير بالعبد المؤمن أن يتحلى بها : كأداء



الأمانة ، والصدق في القول ، والوف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد جمال
عضونشيط
محمد جمال


عدد المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 06/04/2010

المنافقون Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنافقون   المنافقون Emptyالأربعاء مايو 12, 2010 11:59 pm

المنافقون 423647388


[img]المنافقون 687957239[/img]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد البكيري
عضونشيط
محمد البكيري


عدد المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 06/05/2010
العمر : 36

المنافقون Empty
مُساهمةموضوع: سوره البقره   المنافقون Emptyالإثنين مايو 17, 2010 6:14 pm

آيه رقم (22) : ( الأرض فراشا ) : بساطا ووطاء للاستقرار عليها
آيه رقم (22) : ( والسماء بناء ) : سقفا مرفوعا أو كالقبة المضروبة
آيه رقم (22( : ( أندادا) : أمثالا من الأوثان تعبدونها
آيه رقم (23) : ( وادعوا شهدآءكم ) : أحضروا آلهتكم أو نصراءكم
آيه رقم (25) : ( متشبها ) : فى اللون و المنظر لا فى الطعم
آيه رقم ( 29 ) : ( استوى الى السماء ) : قصد الى خلقها بارادته قصدا سويا بلا صارف عنه
آيه رقم (29) : فسوهن ) : أتمهن وقومهن و أحكمهن
أيه رقم (30) : ( ويسفك الدماء) : يريقها عدوانا و ظلما
أيه رقم (30 ) : ( نسبح بحمدك ) : ننزهك عن كل سوء مثنين عليك
آيه رقم (30) : ( ونقدس لك ) : نمجدك و نظهر ذكرك عما لا يليق بعظمتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد البكيري
عضونشيط
محمد البكيري


عدد المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 06/05/2010
العمر : 36

المنافقون Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنافقون   المنافقون Emptyالثلاثاء مايو 18, 2010 9:05 pm

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المنافقون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة سعد بن معاذ الابتدائية بالخرج :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: